الخلاصة:
وبعد فإنه لما كانت عقود المعاوضات وعقود التبرعات من مقومات الحياة ، ومما يبتلى به كل
فرد فيها ، إذ هي أهم وسائل تبادل الأموال ، ولا يستغنى عن مزاولتها أحد ، كانت الحاجة إلى
معرفة أحكامها ، وتمييز المباح منها من غيره ماسّةً وقائمة في كل حين ، بل إن العلم بها مُتَعيّنٌ على
كل فرد يرغب في ممارسة هذه العقود كالبيع والشراء مثلاً ، ولهذا قال بعض السلف : من لم يعرف
الحلال والحرام من البيوع فلا يحل له مزاولة البيع والشراء - أو كلاماً هذا معناه -.
من أجل هذا رأيت أن أخصص في أول طلب لي للإدارة مذكرة بعنوان البيوع الفاسدة الشائعة
، وهذا بعد إعداد الخطة وجمع المادة العلمية للموضوع ، وكان الجواب من الأستاذ المشرف أن أقوم
بتقييد الموضوع لكبر حجمه ، فقيد بعد الأخذ والرد مع الأستاذ المشرف ، بالبيوع المشتملة على
غرر ، وكذلك لما أعددت الخطة للموضوع المقيد وقمت بتقديمها للأستاذ فاجئني أنه قامت طالبة
أخرى بالبحث في موضوع يشبهه ألا وهو البيوع المشتملة على جهالة ، فبعد المشاورة والأخذ والرد
أعطاني الأستاذ الأمر بالبحث في موضوع الغرر وأثره على العقود ؛ وهو يدور حول فقه الغرر وآثره
، والتصور الشرعي الإسلامي للغرر وتأثيره على العقود ، وبخاصة البيوع وغيرها من المعاملات
الاقتصادية والمالية ،
فالغرر يمكن أن يدخل في صيغة العقد ، أو محله من سلعة أو ثمن ، أو في الأجل المضروب للتسليم
أو الدفع ، والغرر الكثير هل يؤثر في العقود أو لا يؤثر ، ومدى تأثيره في العقود التي تدعو الحاجة
إليها ، لذلك قمنا بدراسة هذا الموضوع في أربعة مباحث أمّا المبحث الأول فهو مبحث تمهيدي لما
بعده ،ذكرنا فيه مقدمات للبيوع وبيان معنى الغرر ، وفي المبحث الثاني عرّجنا على الأصول التي
تندرج تحتها جزئيات الغرر ، وفي المبحث الثالث تطرقنا للبحث في أثر الغرر في عقود المعاوضات ب
المالية وعقود التبرعات ، ثم عرجنا على ذكر ضابط للغرر المؤثر في هاته العقود ، وأما المبحث الرابع
فتضمن دراسة لعقود التأمين وتأثير الغرر فيها ، والحكم الشرعي عليها.
ثم ختمنا هذا البحث بخاتمة نُجمل فيها ما توصلنا إليه من النتائج ، ونذكر بعض التوصيات